بأقلامنا

الإسراء والمعراج- الحلقة الثامنة والأخيرة بقلم فضيلة الشيخ بسام أبو شقير

6 – وصولُهُ صلى الله عليه وسلم إلى مستوًى يسمعُ فيهِ صريفَ الأقلامِ:
ثم انفردَ رسولُ اللهِ عنْ جبريلَ بعدَ سدرةِ المنتهى حتى وصلَ إلى مستوًى يسمعُ فيه صريفَ الأقلامِ التي تَنْسَخُ بها الملائكةُ في صُحُفِها منَ اللوحِ المحفوظِ.
وأما ما يقال إن الرسول وصل وجبريل إلى مكان فقال جبريل: جُز فأنا إن اخترقت احترقت وأنت إن اخترقت وصلت فهذا ونحوه كذب وباطل.

7- رؤيتُهُ صلى الله عليه وسلم لسيدِنا جبريلَ عليهِ السلامُ على هيئتِهِ الأصليةِ:
كان صلى الله عليه وسلم قَدْ رَأى جِبريلَ عليه السلامُ في المرةِ الأولى في مكةَ على هيئتِهِ الأصليةِ، فَغُشيَ عليهِ، أمَّا في هذِهِ الليلةِ المباركةِ فقدْ رءاه للمرةِ الثانيةِ على هيئتِهِ الأصليةِ فلمْ يُغْشَ عليهِ إذْ إنَّهُ ازدادَ تَمَكُّنًا وقُوّةً.
فقد روى مسلمٌ عنْ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [سورة النجم/9.8]. قالت: إنما ذاكَ جبريلُ كانَ يأتيهِ، وإنهُ أتاهُ في هذهِ المرةِ في صورتِهِ التي هي هيأتُهُ الأصليةُ فَسَدَّ أُفُقَ السماءِ.
المعنى أنَّ جبريل دنا منْ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم (فَتَدَلَّى) أي جبريلُ في دنوِهِ مِنْ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ) أي ذراعين(أَوْ أَدْنَى) أي بلْ أقربَ. وهناكَ ظَهَرَ له بهيأتِهِ الأصليةِ وله سِتُّمائةِ جناحٍ، وكلُّ جناحٍ يَسُدُّ ما بين الأرضِ والسماءِ.

ماذا حصل بعد رجوع الرسولِ مِنَ المعراجِ:
قالَ بعضُ العلماءِ: كانَ ذهابُهُ مِنْ مكةَ إلى المسجِدِ الأقصَى وعُروجُهُ إلى أنْ عادَ إلى مكةَ في نحو ثُلُثِ لَيلةٍ أَخْبَرَ أمَّ هانئ بذلكَ ثُمَّ أخبرَ الكفارَ أَنهُ أُسْرِيَ بِهِ فلمْ يصدّقُوهُ واستهزءُوا به فَتَجَهَّزَ ناسٌ مِنْ قريشٍ إلى أبي بَكْرٍ فقالوا لهُ: هَلْ لكَ في صاحبكَ يَزْعُمُ أنه قَدْ جاءَ بيتَ المقدسِ ثمَّ رجعَ إلى مكةَ في ليلةٍ واحدةٍ، فقالَ أبُو بكرٍ: أَوَ قَالَ ذلكَ؟ قالوا: نعمْ قالَ: فأشهدُ لَئِنْ كانَ قَالَ ذلكَ لقدْ صَدَقَ. قالوا: فَتُصَدّقُهُ بأنْ يَأتِيَ الشامَ في ليلةٍ واحدةٍ ثُمَّ يَرْجِعَ إلى مكة قبلَ أنْ يُصْبِحَ؟ قَال: نعمْ، إني أُصَدّقُهُ بأبعدَ مِنْ ذلكَ أُصَدّقُهُ بِخَبَرِ السماءِ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فبها سُمّيَ أَبو بَكْرٍ الصديقَ رضيَ اللهُ عنه.
وطَلبَ الكفارُ مِنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَصِفَ لهم المسجدَ الأقصى لأنهمْ يعلمونَ أنهُ لم يرحلْ مَعَ أهلِ بلدِهِ إلى هناكَ قطُّ. فجمَعَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ قومَهُ فحدثَهُمُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم بما رأى، فقال قومٌ منهمْ مِمَّنْ كانَ قَدْ سافرَ إلى ذلكَ البلدِ ورأى المسجدَ: أمَّا النعتُ فَقَدْ واللهِ أصابَ.
حتى قال القائل:
يا واصفَ الأقصى أتيتَ بوصفِه وكأنكَ الرسامُ والبناءُ
كل عام وانتم بخير
الشيخ بسام أبو شقير – جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية

زر الذهاب إلى الأعلى