شارك بمسابقة شهر رمضان المبارك للعام ــ 1445 هـ . ـــ 2024 م . وأربح جوائز مالية نقدية Info@halasour.com
بأقلامنا

شعوب “الأَراضي اللبنانية الشقيقة” بقلم الشاعر هنري زغيب

“نقطة على الحرف”الحلقة 1549
“صوت كلّ لبنان”
الأَحد 2كانون الثاني2022

دخلْنا 2022 وما زال المغنّي يُغنّي: “لبنان يا قطعة سما”، و”تحت السما ما فيه متل لبنان”، وما زال الشعب يفقِد أَنضر شبابه هاجِّين مهاجرين ينسلُّون من بين أَجنحته، كما ينسلُّ الرمل من بين الأَصابع.
لا أَقول هذا لأَلوم المغنّي على ما يغنّيه، ولا صاحبَ هذه الكلمات على إِيمانه بلبنان، ولا شعبَ لبنان على فقدانه إِيمانه. فهذا التغنّي إِنما هو بلبنان الحضارة والتراث والجمال والريادة، أَي لبنانَ الوطن، ومَن يهُجُّون لا يهاجرون من لبنانَ الوطن بل من لبنانَ الدولة. ولبنانُ الدولة هو صنيعُ مَن يسُوسونها، وهُم سياسيُّون يتولَّون السلطة كي يديروا الدولة.
هُم سياسيُّون حوَّلوا لبنان من “قطعة سما” إِلى رقعة جحيم، وجعَلوا فعلًا “تحت السما ما فيه متل لبنان” تعتيرًا وفقرًا ومذلَّةً وجوعًا وقهرًا ورعبًا من المجهول الآتي بلا وجْه ولا صوت.
سياسيُّون حوَّلوا لبنان من “مستشفى الشرق” و”مطبعة الشرق” و”جامعة الشرق” إِلى “عليل الشرق” يُثير الشفقة فيسخو الشرق عليه بإِعانة أَو إِعاشة أَو إِغاثة.
سياسيُّون قزَّموا الدولة على قياس سُلطتهم غيرَ جديرين بــــ”دُستور الأُمة اللبنانية واستقلال الوطن اللبناني”.
سياسيُّون هشَّموا صورة لبنان “لؤْلؤة العرب” فجعلوه يتيمَ إِخوانِه فيما إِخوانُه يحلِّقون ببلدانهم العربية، عواصمِها ومُدُنِها، نجاحًا وتطوُّرًا وسِباقًا مع الغرب: ريادةً ورؤْيةً مستقبليةً ببناءِ أَفضل غدٍ مُشرقٍ لشعوبهم ودُوَلهم وأَجيالهم الجديدة.
سياسيُّون همُ المصيبة ويوهمون الشعب اللبناني أَنهم الخلاص، وأَنْ ما سواهم لإِنقاذ لبنان من كوارثه، متجاهلين أَنَّ في لبنان مواهبَ وأَدمغةً ومبدعين رائعين لِـحُكْم لبنان، وأَنَّ للبنانَ في العالم مواهبَ وأَدمغةً ومبدعين رائعين يُدهشون العالم بذكائهم ونجاحهم في كل حقل معرفي، وكلُّ واحدٍ منهم جديرٌ – إِذا هو يَقبَل – أَن يعودَ إِلى لبنان الوطن ويَحكمَ لبنانَ الدولة.
سياسيُّون كانوا، منذ أَكثرَ من نصف قرن، تَسَلَّموا هيكلَ دولةٍ قائمًا بمؤَسساتٍ سليمة، فأَوغلُوا فيه تهشيمًا وشخصانيةً وزبائنيةً وحشَروا فيه أَسْوأَ أَصناف المحاسيب والأَزلام والناخبين حتى لم يَعُدْ هيكلَ دولةٍ قائمًا بل هيكلًا عظميًّا تَنفُر منه حتى العظامُ المنهوشة.
سياسيُّون نيرونيُّون “كَنْتَنُوا” لبنان (جعلوه “كانتونات”) على مساحات زعاماتهم فَفَكَّكوا وحدة شعبه كي يَسهُلَ عليهم حُكْمُ جماعاتهم، مستفردينهم قطعانيًّا، مُفرِّقينهم عن قلب لبنان الموحَّد، وصارت كلُّ جماعةٍ تابعةٍ مستزلمةٍ لزعمائها تتعاطى مع الأُخرى على أَنها في “الأَراضي اللبنانية الشقيقة”.
سياسيُّون همُ اليوم، رغم كل هذا، فوق كل هذا، بعد كل هذا، بالرغم من كل هذا، يتهيَّأُون بكل وقاحة وصلافة وصفاقة ليركِّبوا لوائحهم الانتخابية، منهمكين بها كأَنْ لم يسقُط لبنان في الانهيار بسبَبِهم، ويَكيلون لشعوبهم وُعُودًا ثَعلبية وتصاريح أُفعوانية وإِغداقات مطلبية كي يعودوا هُم مجَدَّدًا إِلى حكْم لبنان.
لكنَّ شعب لبنان الثائر سيَطرُدهم بقسْوة عادلةٍ مستحَقَّة. أَما محاسيب السلطة فَلْيَبْقَوا خانعين صاغرين مستزلمين على أَعتاب زعمائهم الذين لم يعودوا يستحقُّون بعد اليوم شَرَفَ أَن يَحكُمُوا لبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى