بأقلامنا

الكفيف. بقلم الشاعر الدكتور رجب شعلان

غدر به الزمن فافقده البصر
حتى بات يعرف انه
صار عبئا على قلب البشر
تخلى عنه من احبهم في غابر الايام
ولم يجد منهم بعضا من التجلد والصبر
رايته والوصف لا يسر خاطر
ولا يرضي ناظر
ولا يتقبله قلب على الخير انفطر
ثمانون حولا مشت على جسده
حتى اكل عليه وشرب الدهر
يمشي الهوينا متوكئا على عصاه
يداعب بها الارض بتؤدة كي لا يقع في الحفر
يلبس قلنسوة ممزقه تغطي صلعة
الا من بعض شعيرات بيضاء على
جوانب الراس وفي القعر
والوجه تجاعيد لن تحصيها مخباة
تحت جلد مكتدر
وفوق الجسد المنحني معطف ما تحته لا يرى
يقيه من برد الشتاء واهوال المطر
وشبه بنطال لا لون له لكثرة ما مرت عليه
الايام بلا غسل وبلا نشر
مستعمل للبس والنوم وفي كل حين
فهو لايملك بديلا له حتى لو اقتدر
والقدمين شبه عاريتين الا من حذاء
لا يشبه اي حذاء يرتديه البشر
دخل ذات صباح المقهى يمد يدا سائلا متسولا
واليد الاخرى تمسك عصاه التي هي النظر
يسال الجالسين احسانا ليقتات بدريهمات
كي لا ينام على الطوى والجوع في احشائه منفجر
النادل يصرخ بوجهه قائلا :
اكل يوم تاتينا مع الفجر
واخر ينقده درهمين متفاخرا
كانه في معاركه انتصر
وثالث وسابع والحادي عشر
يصدونه بعبوس هو لا يراه
فيا هول المصيبة يوم يفقد البصر
نسوا ايات رب قالها في كتاب مقتدر
عبس وتولى
ان جاءه الاعمى
وما يدريك لعله يتذكى
صدوه بصوت نافر وعابس وكانهم
يعلموه الادب والدين وبعضا من الشعر
الله ييسر لك الامر
استدار وهو يتمتم بصوت خافت
الله اكرم ان اراد فاعطى وهو العاطي المنتظر
ومشى يجر خيبة من قساوة انسان بخيل
لم يعطي له من ما اعطاه الله او ما تيسر .

 

زر الذهاب إلى الأعلى