شارك بمسابقة شهر رمضان المبارك للعام ــ 1445 هـ . ـــ 2024 م . وأربح جوائز مالية نقدية Info@halasour.com
بأقلامنا

كلمة معن بشور في المهندس محمد السيد جعفر شرف الدين عضو اللجنة التنفيذية في المنتدى القومي العربي خلال حفل تكريمه في معرض الكتاب العربي الخامس في صور

تعرفت على المهندس السيد محمد جعفر شرف الدين في أوائل ستينيات القرن الماضي زميلاً في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية قبل أن يتحول لدراسة الهندسة المعمارية في الجامعة، ورفيقاً في حلقات العمل القومي والنهضوي، وكم أحسست بالاعتزاز حين عرفت أن هذا الطالب العاملي هو ابن نائب صور آنذاك الراحل السيد جعفر شرف الدين (رحمه الله)، الذي كان نجاحه يومها في الانتخابات النيابية عام 1960، مع زميله النائب والوزير السابق محمد صفي الدين (رحمه الله)،  انتصاراً للحركة الشعبية المناهضة للأحلاف والمشاريع الاستعمارية، وحين عرفت أيضاً أنه حفيد الإمام المرجع السيد عبد الحسين شرف الدين الذي ارتبط اسمه بحركة النضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، وبمؤتمر وادي الحجير الذي  رفض  معاهدةسايكس-بيكو ودعا للوحدة السورية.. وحين علمت كذلك أنه ابن الكلية الجعفرية في صور التي كانت ولا تزال، قلعة الحركة الشعبية والتقدمية المقاومة في جبل عامل، والتي على ايدي أبنائها وطلاب لبنان والامة  سقط حلف بغداد ومشروع ايزنهاور، وقبلهما مشروع جونستون لتوطين الفلسطينيين، والذي رفضه إخوتنا الفلسطينيين قبل الجميع لأنه مشروع تنازلهم عن أرضهم ومقدساتهم.

ولم يدم تعارفنا كثيراً حين غاب الباش مهندس السيد محمد لسنوات ليحصل على البكالوريوس والماجستير في الهندسة المعمارية من جامعة طهران في أواخر الستينيات ثم ليتولى منصب رئيس المصلحة الفنية في مجلس الجنوب لمدة ربع قرن بدءاً من عام 1971 حتى 1996، مساهماً بفعالية في حقل تنفيذ أشغال اصلاح وترميم وإعادة بناء جميع الأبنية المدرسية المتضررة على اثر الغزو الصهيوني عامي 1978 و 1982، كما شارك في التدقيق في جميع ملفات الكشف على الأبنية المتضررة على كل عدوان قام به العدو الصهيوني بشكل متكرر على الجنوب، بالإضافة إلى مساهمته الفعلية في إطلاق مشروع مياه وادي جيلو.

لم يكتف السيد محمد بعمله في مجلس الجنوب، بل تعاقد مع قسم الهندسة في الجامعة اللبنانية كأستاذ متعاقد على مدى سنوات واضعاً علمه وخبرته في خدمة الأجيال الجديدة.

عادت “دار الندوة” في بيروت في أوائل ثمانينات القرن الماضي لتجمعنا به، وبوالده السيد جعفر شرف الدين الذي كان صوتاً مدوياً في العديد من المحافل والمنابر الوطنية المنددة بالاحتلال رافضاً اتفاق العار “17 أيار” عام 1983، متمسكاً بالمقاومة كطريق لدحر المحتل ومواجهة المشروع الصهيوني الطامع في أرضنا ومياهنا ومواردنا والمتآمر بكل الوسائل لتدمير وطننا وتفتيت مجتمعنا.

رغم السنوات التي لم نجتمع فيها، فقد رأيت في السيد محمد يومها وبعد ربع قرن، الشاب ذاته الذي تعرفت إليه في أوائل الستينيات، فإيمانه بربه وعروبته وتراثه العاملي الحسيني هو هو.. بل بات أكثر نضجاً وأعمق تجربة تظهر مع كل كلمة يقولها، ومع كل رأي يبديه..

ثباته على التزامه بالعروبة المؤمنة جعلنا مع الأخوة في المنتدى القومي العربي، وعلى رأسهم الرئيس الراحل الدكتور محمد المجذوب، ورئيس المنتدى في الجنوب المحامي خليل بركات، نرشحه لعضوية اللجنة التنفيذية للمنتدى القومي العربي، الذي أخذ على عاتقه تعزيز الانتماء الثقافي القومي للبنان وللعروبة الحضارية وتأكيداً على رسالة لبنان النهضوية في أمّته، وتجسيداً لشعار المنتدى “العروبة حاجة لبنانية، ولبنان ضرورة عربية”، وبسبب الاعتبارات ذاتها تمّ ترشيحه لعضوية المؤتمر القومي العربي الذي شكّل على مدى 30 عاماً إطاراً للتحاور والتشاور والتفاعل بين شخصيات عربية مؤمنة بالمشروع النهضوي العربي.

في مراحل العمل المشترك جميعها التي جمعتني بالسيد محمد شرف الدين كنت ألاحظ فيه حرصاً على صمت أبلغ من الكلام، وعلى عطاء بعيد عن الاستعراض، وعلى نبل وعراقة لم يزيفهما الاستعراض، وعلى وفاء لمدينته صور، قاهرة الغزاة، ولجبل عامل مقبرة المحتلين، وللبنان النهضة والوحدة والحضارة، ولأمّة الرسالة الخالدة، ولإسلام متنور رافض للتعصب والغلو والتطرف..

وفي السابع عشر من تشرين أول 2019، لمحت في أبي جعفر تجدداً لروح الشباب فيه، وحماسة لانتفاضة الأجيال الجديدة ضد الفساد والنظام الطائفي البغيض، الذي أسسه الاستعمار في بلادنا وحرص على رعايته وحمايته، داعياً إلى تحصين تلك الانتفاضة المباركة من أي استغلال أو أجندات مشبوهة، وأدركت صحة القول الذي أردده دوماً “الشريف يوماً، شريف دوماً”، فكيف إذا كان سليل بيت شرفاء..

أطال الله في عمره..

زر الذهاب إلى الأعلى