تحقيقات

أنا الطبيب حسين خشيش إختصاصي في طب الأطفال وحديثي الولادة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

أنا الطبيب حسين خشيش إختصاصي في طب الأطفال وحديثي الولادة.

ما أريد قوله عن فيروس كورونا هو بعض المعلومات الطبية العلمية التي يجب أن نعرفها لنتجنب حدوث المرض في الوقت المناسب.

أشكر جميع زملائي الأطباء الذين تكلموا سابقا” عن الطرق الوقائية لفيروس كورونا.سأتكلم عن هذا الفيروس بطريقة مختلفة قليلا” عنهم وذلك للإستفادة والمنفعة العامة لنا ولعائلاتنا وأولادنا.

أولا” لنتعرف سويا” على عدونا الفيروس لكي نعرف كيف نتصرف معه بشكل صحيح حتى لا يفتك بنا.

❗عندما يكون الفيروس خارج خلايا الجسم لا يكون حيا” ولا يكون فعالا” ويسمى فيريون (virion)، وبعد دخوله إلى داخل خلايا الجسم يصبح فعالا” ويسمى فيروس (virus).❗

فيريون كورونا هو كائن صغير جدا” لا يرى بالعين المجردة (microorganism) وهو ليس حيا” وغير فعال خارج الخلية المضيفة له، لهذا من الصعب قتله بمضاد له، بعكس البكتيريا الحية التي يمكن القضاء عليها بواسطة المضادات الحيوية.
وهو مكون من حمض نووي نوعه ريبونيوكلييك أسيد (Ribinucleic Acid أو RNA). وهذا الحمض النووي يكون محاطا” بطبقة بروتين لحمايته تسمى كابسيد (Capsid)، وحول طبقة البروتين توجد طبقة أخرى دهنية مؤلفة من فوسفوليبيدز (phospholipids) وهي عبارة عن غلاف (envelope) يحمي الفيريون أيضا” ويؤمن له فيما بعد موقع التعرف على سطح الخلية المضيفة له (host cell).

فيريون كورونا لا ينتقل بالهواء، إنما ينتقل إلينا عن طريق لمس الأسطح والأشياء الملوثة به أيا” كانت ليلتصق بالجلد أو عن طريق إستنشاق رذاذ عطاس المريض المصاب به ليدخل إلى الجهاز التنفسي فيما بعد.

عندما يلتصق فيريون كورونا بالجلد عن طريق الأشياء الملوثة به، فإنه يكمن ويختبىء هناك إلى أن تسنح له الفرصة بالدخول إلى خلايا الجهاز التنفسي وخاصة” إلى خلايا الرئتين، لأن كل فيروس له طريقته الخاصة التي ينتقل عبرها، وله مكانه الخاص في الجسم ليفتك به. وفيروس كورونا مكانه الخاص هو الجهاز التنفسي وخاصة” الرئتين.

🔺السؤال هنا :
❓ما هي الطريقة التي ينتقل بها فيروس كورونا إلى خلايا الجهاز التنفسي، وكيف يفتك بها ؟ ❗

فيريون كورونا ينتقل إلى الجهاز التنفسي عبر منافذ أو فتحات معينة كالأنف والفم والعين. فعندما نضع يدنا الملوثة على الأنف أو الفم أو العين فإنه ينتقل من الجلد الملوث به ليلتصق بهم، ثم ينتقل إلى الحنجرة حيث يبقى هناك حوالي أربعة أيام، وبعدها ينتقل عبر القصبة الهوائية إلى الرئتين ليلتصق هناك على خلية مضيفة له بواسطة جهاز إستقبال يسمى “Receptor”.

الرئتين تحتوي على نوعين من الخلايا : خلايا مخاطية (mucous cells) وخلايا هدبية (ciliary cells).
الخلايا الهدبية عبارة عن شعيرات صغيرة كأهداب العين وظيفتها طرد أي جسم غريب يحاول الدخول إلى الرئتين.
فيريون كورونا يلتصق على سطح خلية من الخلايا الهدبية بواسطة جهاز إستقبال (receptor) يساعده بالدخول من جدار الخلية إلى داخلها، وعندما يدخل إلى داخل الخلية تتحلل الطبقة البروتينية والطبقة الدهنية المحاطتين بهذا الفيريون والحاميتين له، ثم ينفصل عنهما الحمض النووي للفيريون وهنا يصبح إسمه فيروس ويصبح فعالا”. فيتحد مع بروتينات أخرى داخل الخلية ليشكل فيرويونات جديدة فتتكاثر لتصبح فيما بعد فيروسات أيضا”، وتبدأ المعركة مع خلايا الجهاز المناعي للجسم.

تبدأ هذه الفيروسات بتلف الخلايا الهدبية للرئتين وبعدها تنتقل إلى الحويصلات الهوائية (Alveoli) حيث تلتصق بسطح خلايا الحويصلات الهوائية (Alveolar cells) بواسطة جهاز إستقبال خاص يسمى أنجيوتنزين كونفيرتينغ إنزيم-٢ ( Angiotensin Converting Enzyme-2) الذي يساعد الفيروسات على دخول خلايا الحويصلات الهوائية (Alveolar cells).
فتدخل الفيروسات إلى داخل خلايا الحويصلات الهوائية حيث تسخر الخلايا لإنتاج بروتينات الفيروسات، وبالتالي تتكاثر الفيروسات وتموت الخلايا.
عندها تستنفر خلايا الجسم المناعية بشكل كثيف وتنتج أجسام خاصة مضادة لفيروس كورونا (Antibodies)، وتتحفز أيضا” الخلايا المناعية الموجودة التي تسمى ماكروفيجز (macrophages)، فهذا التحفيز للميكروفيجز يؤدي إلى فرز ثلاث مواد مناعية تسمى سيتوكاينز (Cytokines) وهي :
إنترلوكين-١ (Interleukin-1)، وإنترلوكين-٦ (Interleukin-6)،
وعامل نخر الورم-ألفا
(Tumor Necrosis Factor-Alpha).

عندما تصل هذه المواد الثلاث إلى مجرى الدم فإنها تسبب الأعراض المصاحبة لفيروس كورونا.
وبعدها إما أن ينتصر الجهاز المناعي للجسم على فيروس كورونا مع مساعدة الجسم بعلاج أعراض المرض، وإما أن يفشل الجهاز المناعي مما يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية المحيطة بالحويصلات الهوائية، وكذلك زيادة نفاذية جدار الشعيرات الدموية وبالتالي إلى توذم الخلايا السنخية للرئتين (alveolar edema) والتي تؤدي إلى نقص الأوكسيجين وضيق التنفس، ويحدث أيضا” فقدان مادة السورفاكتانت (Surfactant) مما يؤدي إلى زيادة الشد السطحي للحويصلات الهوائية الذي يؤدي بدوره إلى إنخماص الأسناخ الهوائية في الرئتين (alveolar collapse) مما يسبب أيضا” نقصا” في الأكسيجين وضيقا” في التنفس. وكذلك يحدث إرتفاع حاد في الضغط الشرياني لضخ المواد المناعية التي تفرز بشكل كثيف في مجرى الأوعية الدموية لتصل بوقت سريع إلى منطقة الإصابة بالفيروس، كما يؤدي ذلك إلى إرتفاع حاد في الحرارة عند وصول المواد المناعية إلى الغدة النخامية، وأيضا” تحفز قشرة الغدة الكظرية (التي فوق الكلوية) فتفرز هورمون الألدوستيرون (Aldosterone) بشكل كثيف مما يسبب إحتباس الصوديوم داخل الجسم وطرح البوتاسيوم، واحتباس الماء داخل الأوعية الدموية وداخل خلايا الجسم، مما يؤدي إلى إرتفاع حاد في الضغط الشرياني أيضا” مع دوخة وألم في الرأس، والذي قد يؤدي إلى سكتة دماغية مع إنتان دماغي وغيبوبة، ومن ثم يحدث فشل الأجهزة الأخرى في الجسم وخاصة” الفشل الكلوي مما قد يؤدي إلى وفاة المريض.

سؤال :
❓كيف لا نسمح ولا نعطي الفرصة لفيروس كورونا بالدخول إلى داخل الجسم ؟ ❗

✅هذا يحصل بتنفيذ الإجراءات الوقائية وخاصة” :

1️⃣العزل الذاتي أي عزل أنفسنا قدر الإمكان وعدم التواجد في أماكن مزدحمة بالناس.

2️⃣إجراء النظافة بشكل عام، يعني إذا لمست أي شيء بيدك فلا تضعها على عينك أو أنفك أو فمك لكي لا يدخل الفيروس (إذا كان موجودا”) إلى داخل جسمك.
بل يجب غسل اليدين وفركها جيدا” بالصابون والماء بعد لمس الأشياء لمدة لا تقل عن عشرين ثانية.
وفي حال عدم توفر الصابون والماء يجب إستعمال معقم اليدين (hand sanitizer) الذي يحتوي على نسبة كحول لا تقل عن ستين بالمئة لكي نحرز التعقيم المناسب والمطلوب.

3️⃣يجب تناول فيتامين “س” يوميا” أو تناول الفواكه الغنية بالفيتامين “س” مثل : البرتقال، الليمون، الفريز (الفراولة)، الأناناس، الكيوي وغيرها من الفواكه والخضار.

4️⃣يجب تناول المشروبات الساخنة التي لا تقل درجة حرارتها عن سبع وعشرين درجة مئوية.

5️⃣يجب غسل الملابس قدر الإمكان بعد العودة إلى المنزل (في حال خرجنا من المنزل للضرورة)، أو وضعها تحت أشعة الشمس لمدة ساعتين إلى أربع ساعات.

❓لماذا يعتبر الصابون والماء هو الأفضل في إزالة الفيروس عن جلدنا ؟❗

الماء وحده عادة” لا يختلط مع الدهنيات ولا ينظفها، بل ينفصل عنها، لأن الماء لا يحب الدهنيات والعكس صحيح.

❗الصابون بتركيبته يحتوي على جزيئات محبة للماء تسمى (hydrophilic molecules)، وجزيئات أخرى محبة للدهنيات تسمى (hydrophobic molecules). فعندما نفرك أيدينا بالصابون والماء لمدة عشرين ثانية على الأقل، فإن جزيئات الصابون المحبة للدهنيات تتحد مع الدهنيات الموجودة على الجلد وكما قلت سابقا” بأن فيروس كورونا يحتوي على غلاف خارجي يحميه مؤلف من دهنيات، فتأتي جزيئات الصابون المحبة للدهنيات وتحلل الطبقة الدهنية الحامية للفيروس وغيرها وتتحد معها، ثم تشكل حولها طبقة تسمى مايسلس (micelles) وتأسر الدهنيات بداخلها، ومن ثم تأتي جزيئات الصابون المحبة للماء فتحيط بالمايسلس الآسرة للدهنيات، وبعد ذلك نغسل ونشطف الصابون بالماء فيزيل كل هذه الطبقات مع بعضها البعض عن الجلد، وبهذا نتخلص من الفيروس الموجود على الجلد.
❗ملاحظة:❗
الصابون يزيل الفيروس عن الجلد ولكن لا يقتله.

أما بالنسبة لإستعمال الكحول أو معقم اليدين ( hand sanitizer) الذي يجب أن يحتوي على نسبة كحول لا تقل عن ستين بالمئة (%60) لنحصل على التعقيم المناسب والمطلوب، فإنه ينصح باستخدامه فقط عند عدم توفر الصابون والماء، لأنه لا يزيل كل الجراثيم والفيروسات من على الجلد كما يفعل الصابون والماء.
هذا الكحول أو معقم اليدين (hand sanitizer) لا يحبذ إستعماله لمرات عديدة في اليوم وبشكل مستمر، لأنه يؤدي إلى جفاف الجلد، وعندما يصبح الجلد جافا” جدا” يؤدي إلى تشققات في الجلد، وبالتالي نكون قد فتحنا بأيدينا بابا” للفيروس للدخول إلى خلايا جسمنا بكل سهولة.

✅👆🏻فلهذا يبقى الصابون والماء هو المزيل الأفضل للفيروسات عن الجلد.❗

⭕أود أن أتكلم بشكل مختصر عن إستعمال الكمامة والقفازات لأعطي ملاحظة مهمة جدا” بخصوص هذا الموضوع.❗

✅أحيانا” الإستعمال الخاطىء للكمامة والقفازات يؤدي إلى دخول فيروس كورونا إلى جسمنا دون أن ندري.

❗حسبما رأيت بنفسي في بعض الأماكن وخاصة” في السوبرماركت أن كثيرا” من الناس يلبسون الكمامة والقفازات ويلمسون عربات التسوق والبضائع والأشياء المختلفة والتي يمكن أن تكون ملوثة، ثم بعد ذلك يحركون الكمامة بالقفازات التي يلبسونها بأيديهم، وكما نعلم أن الكمامة ملاصقة للأنف والفم وقريبة جدا” من العينين، فإذا كان القفاز ملوثا” فيصبح تحريك الكمامة بالقفازات الملوثة هي السبب في نقل عدوى الفيروس ودخوله إلى داخل الجسم، وبالتالي التسبب في مرض كورونا المنتشر حاليا”.❗

✅👆🏻لهذا يصبح عدم إستعمال الكمامة والقفازات أفضل وأكثر أمانا” من إستعمالهم الخاطىء.❗
وطبعا” عندما نخرج للضرورة من منزلنا، يجب أن لا نضع أيدينا على أعيننا أو أنفنا أو فمنا بعد لمس الأشياء، وكما ذكرت سابقا” يجب غسل اليدين مع فركهما جيدا” بالصابون والماء لمدة لا تقل عن عشرين ثانية لإزالة الفيروسات والجراثيم والأوساخ عن الجلد.

❗سأتطرق إلى الحديث عن معلومة طبية علمية فيما يتعلق بموضوع علاج فيروس كورونا.❗

⭕إن أي دعاية أو أي كلام يتعلق بعلاج فيروس كورونا في المستقبل القريب هو ضرب من الخيال الذي لا يمت إلى الحقيقة العلمية بصلة، لأن فيروس كورونا كما ذكرت سابقا” هو كائن صغير جدا” لا يرى بالعين المجردة وليس حيا” خارج الخلية المضيفة له، لهذا يصعب القضاء عليه بمضاد له، بعكس البكتيريا الحية التي يمكن القضاء عليها بالمضادات الحيوية. لهذا لا يمكن لنا أن نعالج الفيروس بحد ذاته، بل يمكن أن نعالج الأعراض التي تنتج عنه.

نعم في الحقيقة يوجد لقاحات ضد بعض الفيروسات، والتي تعتبر لقاحات وقائية من الفيروسات وليست علاجا” لها.

إن الكلام الصحيح في هذا الموضوع هو ما قالته منظمة الصحة العالمية في الآونة الأخيرة، عن أنه في حال توصلوا الآن إلى إنجاز لقاح ضد فيروس كورونا، فهذا سيكون حاضرا” في الأسواق بعد سنة من إنتاجه (أي بعد إجراء التجارب المناسبة عليه). وهذا اللقاح كما قلت لا يمكن أن يكون علاجا” لفيروس كورونا، بل سيكون لقاحا” وقائيا” له، مثل أي لقاح وقائي آخر كلقاح الرشح العادي (Anti-influenza vaccine) وغيره ليس إلا.

❗أعتقد أن العلاج الأمثل والأكمل لفيروس كورونا هو دواء أو أي شيء آخر يمكنه تدمير الحمض النووي لفيروس كورونا (RNA) دون أن يؤثر على الخلايا الطبيعية للجسم، فهذا العلاج المثالي يقضي على الفيروس تماما”، ولكن للأسف أن هذا العلاج غير مكتشف حتى يومنا هذا، ومن الصعب جدا” إكتشافه.❗

❗وإذا اكتشف هذا العلاج في المستقبل، أعتقد أن صاحبه ممكن أن يحوز على جائزة نوبل العالمية في الطب بهذا الإنجاز.❗

❗إن شاء الله تعالى، بعد الإنتهاء من علاج الحالات المصابة بفيروس كورونا، ومن خلال القيام بالوسائل الوقائية اللازمة التي أوصى بها الأطباء المتخصصون، والتي سأعيد ذكرها للتذكير بها وللتأكيد عليها، وخاصة العزلة الذاتية قدر الإمكان وعدم التواجد في الأماكن المزدحمة بالناس، وتناول فيتامين “س” الموجود في البرتقال والليمون والفراولة والكيوي والأناناس والفواكه والخضروات الأخرى، وشرب المشروبات الساخنة التي لا تقل درجة حرارتها عن سبع وعشرين درجة مئوية، وغسل اليدين جيدا” بالصابون والماء لمدة عشرين ثانية على الأقل، أو استخدام معقم اليدين الذي يحتوي على نسبة ستين بالمئة من الكحول أو أكثر وذلك في حال عدم توفر الصابون والماء، وغسل الملابس بعد الخروج من المنزل للضرورة أو وضع الملابس تحت أشعة الشمس لمدة ساعتين إلى أربع ساعات، وأيضا” مع تغير الطقس إلى طقس دافئ نسبيا”، وبقدرة الله وبإذنه سبحانه وتعالى، سينتهي فيروس كورونا.❗

🤲🏻وأخيرا” أدعو الله تعالى لي وللبشرية جمعاء أن يخلصنا من فيروس كورونا ومن جميع الأوبئة والأمراض الخبيثة.🤲🏻

والحمدلله رب العالمين.

📝بقلم الطبيب حسين خشيش.
في ٠٤/نيسان/٢٠٢٠ .

 

زر الذهاب إلى الأعلى