بأقلامنا

أخر الكي الأميركي حروب أهلية في لبنان! بقلم جهاد أيوب

تعمل أميركا على تجويع الشعوب اللبنانية بغية الوصول إلى معادلة أن حزب الله هو السبب، واستراتيجيتها توصلنا في حال عدم تمكن الحزب وبيئته ومن يؤيدهم من الصمود والتصدي، والنزول إلى الشارع سياسياً وشعبياً وإعلامياً، وخلق حالة اقتصادية مقاومة، توصلنا إستراتيجية أميركا إلى حرب أهلية أو حروب أهلية لبنانية أركانها الأرضية الوطنية المفككة الجاهزة، وأبناء من صنع الحرب الأهلية عام 1975 من خلال إرث وراثتهم لكل ما أوردته زعامات الأباء والأجداد، خاصة أن في لبنان بعض الزعامات التي لا تبني إستمراريتها إلا من خلال الدم، ومن تعامل مع العدو الصهيوني، ولم يحاسب هو جاهز اليوم ومتطوع لذلك !
لا افادة من التجارب اللبنانية عبر التاربخ، ولا تزال القبائل اللبنانية المتناحرة تفكر بتلك العقلية التي كانت سائدة منذ عام 1800، ولم تصل إلى انصهار بالوطن بقدر التحكم بزعامة الطائفة وزواريب الحي!
للأسف المسيحي لم يفهم أن الغرب لم يعد يريده بعد انتهاء حرب 1975 لكونه وجد البديل، والبديل عنه هو المسلم، وهذا المسلم يمتلك الثروة والعدد في الشرق، والتغلب عليه أسهل ما يكون من خلال زرع فتنة طائفية بين الشيعي والسني!
الغرب لم يعد يساوم على المسيحي اللبناني بالمطلق رغم التبرع لطرح دوره وبالمجان، إلا إذا أراد الغرب إشعال لبنان بحرب أهلية يكون هذا المسيحي مرة جديدة وقودها، خاصة أنه لم يتعلم من دروس الماضي!
غالبية الخطاب المسيحي اليوم هو ذاته السائد منذ زمن، وقبل شرارة الحروب في كل بقعة وجدوا فيها من الجبل إلى السهل والشمال وجبيل وكسروان والقليل في الجنوب، خطاب الخوف من الشريك، ونريد أن نعيش ونرقص ونشرب ونسكر ونأكل ونحكم!
نعم المجتمع المسيحي خائف على وجوده الذي يزكزكه به زعيمه، ويذكره بأنه سينقرض، ويتحمل ذلك الكثير من خطاب الكنيسة خارج الإعلام كأن ما حدث لهم خلال عقود من هجرة نهائية، وتقليص عددهم داخلياً حتى غدوا ربع سكان الوطن بعد أن كانوا أكثر من النصف بسبب سرعة تبنيهم للحروب الداخلية، وعدم محاسبتهم لزعاماتهم التي أفقرتهم، وهجرتهم، وقتلت أبنائهم، ولم تجلب لهم غير المزيد من الخوف والتوقع، وخسارة المزيد من مكتسباتهم التي جاءتهم هدية من المستعمر الفرنسي، ومن العلم والمعرفة التي تميزوا بها آنذاك على عكس اليوم، كل هذا لم يعلمهم كيفية المحافظة على الشراكة في الوطن!
كان باستطاعة المسيحي اللبناني أن يتربع على الزعامة مهما عصفت رياحه بعد انتهاء حرب 75 لو قرأها جيداً، ولو استمر في الانتشار بالأحزاب العلمانية والعقائدية خارج الطائفية، وهو من قاد هذه الأحزاب وبتفوق!
وكان ايضاً قد ثبت حضوره لو تعمق أكثر بأتفاقية “كنيسة مار مخايل” بين العماد ميشال عون والتيار البرتقالي والسيد حسن نصرالله وبيئة المقاومة، ولكن الخطاب الذي اتبع بعد ذلك، والمعتمد على كذبة حقوق المسيحيين في ظل ان كل الطوائف اللبنانية لا حقوق لها في دولة لبنانية مصنعة من بعض زعامات متأمركة، و حضورها من الخارج السعودي والسوري والفرنسي بشرط ان تبقى تحت ظل الأميركي!
العماد عون سلم كل أوراقه بعد رئاسته للجمهورية إلى الوزير جبران باسيل، وجبران تجاهل كل الزعامات المسيحية، وصنع خلافات عميقة، والأخطر اكتفى بما صنعه العماد من تسونامي في شارعه، ولم يدرسه بعناية ودقة مع كل متغير، وأخذه إلى خطاب غرائزي من الانتخابات النيابية إلى تأمين الوظيفة!
هم جبران وضع يده على وظائف المسيحيين في الدولة، مقلداً بذلك الرئيس رفيق الحريري الذي سيطر على كل المراكز السنية وبعض المراكز المسيحية مع ان الزمن مختلف، والحليف مختلف، والدولة مستنزفة!
كما أنه ترك الجامعات، والمدارس مكتفياً بعاصفة تأخذهم يميناً ويساراً عبر كذبة السوشال ميديا، ليجد القوات أكثر انتشاراً فيها رغم أن المجتمعات المسيحية في جلساتهم يعترفون بما أوصلوهم إليه القوات من هم ونكد، وبعنصريتهم وفوضويتهم داخل بيئتهم!
ترك جبران باسيل الشارع والمجتمع المسيحي لمشاريع وعنصرية خطاب حزب “الكتائب” من خلال سامي الجميل الذي يتغنى بعدم المشاركة في الحكومة، وتناسى المسيحي الخائف كل ما فعله هذا الحزب وزعاماته من حروب قضت على دور المسيحي عدداً وحضوراً وانتشاراً في الوطن!
سمير جعجع وحزبه القوات أكثر حذراً من سامي الجميل في الخطاب التعبوي والشعبوي والقبائلي، يراقب بذكاء كل تحركات وتصرفات وكلمات وخطابات ونفس جبران باسيل، ويلعب على تناقضاتها، وبالطبع هو ينتظر إشارة من الخارج وتحديداً من أميركا أو السعودية كي ينتفض بسلاحه، ويتبنى حروبه، ومواقفه، وربما الحرب الأهلية التي سيتبناها بعد حزب الكتائب بقيادة سامي وخطابه الأكثر عنصرية ووضوحاً مهما اختلفت معه، وما كان لتسكير اوتستراد نهر الكلب بسواتر الباطون إلا بروفات لإشهار التقسيم، وإشعال الحرب الأهلية المقبلة !
وليد جنبلاط ادرك خطورة المرحلة، وخطورة الوضع الدرزي الذي مهما اختلفت معه يشكل هو الزعيم الأقوى في طائفته، وعاد إلى حضن الرئيس بري على أمل العودة كلياً إلى حضن الطائفة الشيعية وحزب الله من أجل تأمين الانفتاح على مناطقه وعلى سورية إذا وقعت الحرب الداخلية، والتي تؤسس لها أميركا وتوابعها في الداخل اللبناني دون أن يفتقد الحضن الأميركي!
لذلك سيشهد التحرك السياسي الجنبلاطي أكثر انفتاحاً وانصهاراً وتصالحاً مع الشيعة ومع بعض السنة وبعض المسيحيين والاحزاب العلمانية، وقد تصل الأمور إلى المصالحة التي يحلم بها مع سورية من خلاله إبنه تيمور، وبذلك يضمن زعامته، وسلطة حضوره!
السنة في حالة ارباك منذ اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وانقساماتهم الآن أصعب وأخطر من الانقسامات المسيحية المسيحية عبر الزمن مع فارق لا دماء وقعت كما حال المسيحية فيما بينهم، وما نشهده من تعمدهم لقطع الطرقات وتحديداً الجنوبية إلا وهي رسائل فيما بين بعض زعاماتها الطامحة إلى دور وربما إخوة، وإن وقعت الحرب بين المقاومة وإسرائيل، أو حروب الداخل اللبناني سينخفض الصوت المذهبي والداعشي والسعودي فيها، والالتزام بفلسطين ستحرك عاطفتهم، لذلك لن يغدروا بالمقاومة حتى لو لم يشاركوا بالدفاع معها، ولكن مشكلة السنة تكمن في تأمين الزعيم الذي يلم الشمل، وستستمر إلى سنوات!
الشيعة اصبحوا أعداء إسرائيل وأميركا مباشرة، وإذا لم يوافقوا على مشاريع أميركا في المنطقة ستخاض الحرب مباشرة ضدهم، وفتيل الحرب الأهلية في اعتقاد أميركا يضرها، علماً بأن الطائفة الشيعية لم تشارك كقوة طائفية بحرب 1975، ولم يكن حالها كما هو اليوم، ولم تكن هي المسيطرة على حدود فلسطين، أما اليوم فسلاح المقاومة في مناطقها يطال كل شبر من إسرائيل المحتلة!
التماسك الشيعي بين أحزابها هو الذي سيبقيها أكثر ثباتاً، ولكن إذا لم تحسم قياداتها العسكرية والسياسية قرار لجم محاربة الواقع الاقتصادي الحالي، والانفتاح على كل مجتمعها وبيئتها بما فيها الأحزاب العلمانية ستسرع وقوع لبنان بمشروع الحرب الأهلية!
إن ضخ إعلام الكذبة في الداخل اللبناني وإنكشافه في تحركه ضمن دائرة أوامر عوكر، وكذلك إعلام الخارج، وتجاهله أن المسؤولة عن الأزمة الاقتصادية الحالية هي أميركا سيزداد، وهو السائد وبنجاح، وقد أصاب هذا الإعلام المقاومة في الشارع المسيحي الذي يحملها نتائج هذا الوضع، دون أن يدرك بسبب خطاب زعاماته السياسية والدينية أن أميركا تمنع السيادة في العالم العربي، وتمنع الازدهار والنجاح والتصالح، فقط تسمح بالتطاول على الدين والشذوذ الجنسي والإعلام الفضائح، والمأجور ضد المقاومة!
ولو نظرنا من حولنا سنجد أن كل من تنازل من العرب لأميركا ولإسرائيل سقط، وقتل، وفقر في اقتصاد حكوماتها، وشعوبها جائعة من مصر والاردن والسودان وحتى بعض دول الخليج، وياسر عرفات، وفتح، ومحمود عباس، وكذلك من تعامل مع إسرائيل في الداخل اللبناني إلا بعض الزعامات العميلة!
المطلوب الاستسلام أو التقاتل فيما بيننا أو بقاء لبنان كذبة وجودية، ودولة مزرعة يحكمها الفساد والفاسد،
خاصة أن أميركا هي التي حمت الفاسدين والمفسدين وتوصلهم إلى الحكم، وهي التي تغطي الإعلام المأجور في لبنان وفي كل المنطقة، وهذا لا يعني أن تركيبة الزعامات في لبنان لا تعيش إلا على الفساد واستغلال الدولة!
مجرد مراقبة لكل الوطن العربي نجد أميركا تحمي الفاسد، وتصر على أن يكون حاكماً وزيراً ونائباً وثائراً يقود التظاهرات، لذلك على اللبناني أن يأخذ القرار قبل فوات الأوان، وحتى لا يصبح ضحية كما هو حاله تاريخياً!
وعلى الحكومة الضعيفة والمتعثرة هذه أن تدرك قوتها بعدم استطاعة إيجاد البديل، وتأخذ القرارات الحاسمة خارج ان تكون شاهدة على حرب أهلية تصنعها أميركا، وربما حروب داخل كل طائفة، وان لا تخضع إلى شروط تعيين وتوظيف مزيد من المفسدين، وتشاطرهم الحكم، إلى الآن فشلت!
اعتذر على اجترار الدخول في لغة طائفية اعتبرها قذرة، ولا تشبهني، ولكن هذا هو النظام اللبناني الطائفي الذي لا يولد غير الحروب الطائفية مع 6 و 6 مكرر!

زر الذهاب إلى الأعلى