بأقلامنا

وفاء بيضون : “باريس” تتراجع و”الدوحة” تتقدم .. ملف “لبنان الرئاسي” تتجاذبه خلافات “الخماسية الدولية “.

وفاء بيضون : “باريس” تتراجع و”الدوحة” تتقدم .. ملف “لبنان الرئاسي” تتجاذبه خلافات “الخماسية الدولية “.

‎كتبت : وفاء بيضون

‎ثمة تقاطع بات واضحا لدى العديد من المراقبين والمتابعين للملف اللبناني أن هوة الخلاف تتعمق ورقعة الانقسامات الدولية حول مخارج أزمة الاستحقاق الرئاسي تتسع. ففي حين سجلت فرنسا أكثر من نقطة في مرمى “الخماسية” من خلال تفاؤلها بفك عقدة الازمة السهلة الممتنعة ، وما حمله مبعوثها الوزير السابق “جان ايف لودريان” من أفكار واقتراحات باتت بحكم النص القديم الذي لا يبنى عليه .هذا في وقت ضبطت العديد من القوى السياسية الرسمية والحزبية في لبنان ساعتها على توقيت برج إيفل .

‎ولكن ما بدا واضحا من تباعد الرؤية بين “خماسية الدول” التي تعنى بملف لبنان يشي بأن كمينا ما نصب لفرنسا وفرمل عجلاتها التي تقدمت لوقت طويل على أي مبادرة ومساع اخرى ، كان التراجع سيد الموقف رغم عدم إعلانه او ربطه بزيارة رابعة مرتقبة لموفد الرئيس الفرنسي إلى لبنان .

‎فعلى وقع الخلافات ، التي برزت خلال إجتماع “اللجنة الخماسية” في نيويورك ، بات من المسلم به لدى الأفرقاء اللبنانين اليوم أن التركيز انتقل إلى ما يمكن أن تقوم به قطر في الملف الرئاسي ، بعد أن فشلت الجهود التي قامت بها فرنسا ، أو على الأقل تواجه العديد من العراقيل التي تحول دون قدرتها على إتمام مهمتها بنجاح، ما دفع بالجانبين الأميركي والسعودي إلى التعبير عن إمتعاضهما من طريقة إدارتها لهذا الملف وهذا ما فسره مراقبون بالتدبير المسبق او الكمين غير المعلن ، فالدخول القطري على خط الاستحقاق الرئاسي ليس وليد الساعة، فالدوحة حاضرة على خط هذا الاستحقاق منذ أشهر، وهي سبق لها أن أوفدت أكثر من مسؤول إلى بيروت، لإستطلاع الأجواء اللبنانية ، لكنها لم تبادر بالذهاب إلى أي خطوة عملية قبل ذلك، ربما بسبب الأوضاع التي كانت متوترة على المستوى الإقليمي، او انتظار خواتيم المسعى الفرنسي . أما اليوم فيبدو أنها مختلفة، وبالتالي بات من الممكن لها التحرك بشكل أكبر .

‎وبالتالي فإن ما يدفعنا إلى السؤال عن الأسباب التي بنت الاعتقاد بأن قطر تملك فرص نجاح أكبر في معالجة الملف الرئاسي أكثر من فرنسا ، حيث تتحدث مصادر سياسية متابعة عن مجموعة من النقاط التي تصب في صالح الدوحة، في حين هي لم تكن متوفرة لدى باريس، الأمر الذي قاد إلى إضعاف دورها في هذا المجال، وصولاً إلى حد اصطدامها بالأفرقاء اللبنانيين.

‎وتضيف المصادر أن أبرز هذه النقاط تكمن بأن الدوحة أقرب إلى أميركا والسعودية من فرنسا التي كانت قد غامرت بالذهاب إلى خطوات تتطابق مع رؤية قوى الثامن من آذار، بدءا من طرح المقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة ، ثم تبني معادلة الحوار الذي يسبق الانتخاب ، وهي اليوم مفوضة من قبل الجانبين للعب دور في هذا الملف ، بعد أن واجهت انتقادات إلى طريقة عمل الجانب الفرنسي. بالإضافة إلى ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن الدوحة أكثر قدرة على التواصل مع طهران، لا سيما بعد أن نجحت، في الفترة الماضية، بلعب دور الوسيط في الإتفاق الذي تم التوصل إليه بين أميركا وإيران، وهي تراهن اليوم أن يكون ذلك مقدمة نحو اتفاقات أخرى، في حين أن باريس كانت قد شهدت علاقاتها مع طهران سابقا، العديد من التوترات : ” أبرزها الانتقادات التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيال الدور الإيراني في الملف اللبناني والرد الذي اتى عليه من وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان خلال زيارته الاخيرة لبيروت ” .

‎المصادر السياسية المتابعة تشير إلى أن قطر تملك ورقة هامة لا تملكها فرنسا ، تكمن بقدرتها على إغراء الأفرقاء اللبنانيين بالمساعدات المالية، سواء كانت للدولة أو لبعض الأفرقاء الذين لا يبادرون إلى تقديم تنازلات دون الحصول على الثمن ، بينما باريس، إلى جانب فقدانها القدرة على التأثير المعنوي على أي من الأفرقاء ، لا تملك القدرات المالية التي تسمح لها بلعب هذا الدور.

‎وتستند هذه المصادر على تجربة الدوحة في لعب دور الوسيط في الملف اللبناني ، لا سيما تلك الّتي خاضتها عام 2008 بعد احدات السابع من ايار من خلال إتفاق الدوحة الذي قاد إلى اتفاق واسع، شمل قانون الانتخاب وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، الأمر الذي سيحول على الأرجح، دون وقوعها في الأخطاء التي كانت قد وقعت فيها باريس.

‎إن ما ينبغي التوقف عنده هو : ” أن قطر إختارت العمل بعيداً عن الأضواء منذ أشهر، وبالتالي هي من حيث المبدأ جهزت الأرضية المناسبة لدخولها على الخط، من خلال الاشارات الاعلامية كمرحلة اولى للاستكشاف المبكر “.
‎وثانيا : ” من خلال جولات سفيرها على المسؤولين اللبنانيين ومن ثم وصول موفدها جاسم بن فهد ال ثاني وبدء لقاءاته غير العلنية التي استهلها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على ان يستكملها مع باقي الفرقاء ” . ما يعني ان دخول قطر بهذا الشكل يحمل ورقة نعي المبادرة الفرنسية لتتراجع باريس وتتقدم الدوحة ويبقى لنا ان نسال : “بين فرنسا وقطر وما بينهما خماسية الدول هل اصبح ملف الرئاسة قاب قوسين أو ادنى من الحل وانهاء الشغور أم ان الشيطان ما زال يكمن في التفاصيل ” ؟ .

زر الذهاب إلى الأعلى