بأقلامنا

كتب اللواء خالد كريدية إبادة الذاكرة الوجه الخفي للأستعمار في زمن اقتصاد المعرفة والديمقراطية اللبيرالية

كتب اللواء خالد كريدية
إبادة الذاكرة الوجه الخفي للأستعمار في زمن اقتصاد المعرفة والديمقراطية اللبيرالية
في المراحل المختلفة من الزمن كانت الأبادة ترتبط بشكل مباشر بصورة الدماء والدمار التي تحدثها الجيوش الغازية والخرائط التي ترسم بالقوة لكن في زمن ما بعد الحداثة (بأستثناء مجازر الجيش الأسرائيلي ) أصبحت الأبادة فعلا” جرميا” ناعما” غير مرئي يمارس عبر المؤسسات، المناهج، والشاشات. فالشعوب لا تباد حين تنسى تجتث ذاكرتها وتختزل ذواتها ويعاد
تشكيل وعيها وفق قوالب المستعمر القديم –الجديد
لقد مارس الأستعمار التقليدي التدمير المادي أما الأستعمار المعرفي فمارس تدميرا” أشد فتكا”: إبادةالذاكرة التاريخية هذه الأبادة لا تعلن عن نفسها بل تأتيت على هيئة تحديث تنمية ليبرالية وديمقراطية وما يقدم على انه مشروع تنويري لا يلبث أن يتحول عملية منظمة لأخضاع الوعي الجمعي
اقتصاد المعرفة :
الهيمنة الناعمة بأسم العلم
في عالم تنتج فيه المعرفة داخل مؤسسات متركزة في الغرب وتستهلك في الأطراف يتحول اقتصاد المعرفة الى وسيلة لاءعادة إنتاج الهيمنة إن اختلال مراكز إنتاج المعنى يجعل الشعوب التي كانت خاضعة للاستعمار غير قادرة على تأويل ذاتها خارج النص الغربي. إنها تدرس تاريخها بلغات الآخرين وتمنح مفاتيح الحداثة في شكل برمجيات ومقررات جاهزة لكنها تفقد في المقابل لغتها الرمزية وأطرها التفسيرية
الديمقراطية الليبرالية مقولة الحرية المعلبة في الظاهر تروج الليبرالبية الديمقراطية بوصفها ذروة التقدم الأنساني. لكنهافي عمق بنيتها-حين تفرض من الخارج- تتحول الى أداة ناعمة لاءعادة صياغة المجتمعات . يعاد تعريف الحرية لا كتحرر من الظلم بل كخضوع لمعيار “النجاح ” الغربي تقدم العولمة الثقافية بوصفها تطورا” بينما هي في حقيقتها محو للفروقات وتذويب للهويات في نموذج واحد مهيمن.

آبادة الذاكرة في أربع صور
1إعادة كتابة التاريخ: حيث يختزل الماضي في سرديات استشراقية تبدأ بلحظة ” اكتشاف ” المستعمر ويهمش فيها التاريخ الوطني لصالح “الحداثة ”
2 تجريف التراث : عبر وصمه بالرجعية وتحويله الى فلكور بلا وظيفة معرفية أو سياسية.
3. هيمنة الصورة: إذ تغتال السرديات الشفوية المحلية عبر ثقافة بصرية غربية تعيد تشكيل اللاوعي.

4. المدرسة والجامعة أدوات تفكيك تدريجية للروابط الرمزية والروحية مع التاريخ عبر مناهج تفصل بين الطالب وبيئته الثقافية.
الغاية شعب بلا ذاكرة لا يطالب بحقه. المعركة على الذاكرة ليست حدثا” عارضا” بل حوهر مشروع الهيمنة فحين يمحى تاريخ المقاومة وتسخف الرموز وتفكك اللغة الجماعية يصبح للشعب قابلا”لاءعادة التشكيل وتتحوب الحركات السياسية الى ظواهر بلا جذور والثورات إلى عنف غير مبرر.

خلاصة
لا يمكن بناء مستقبل حر دون ذاكرة حرة إن الشعوب التي تفقد وعيها التاريخي تقاد بسهولة نحو الاغتراب ، وتصبح رهينة للسرديات المصنعة في مركز الاستعمار
اخطر أشكال الأستعمار ، عندما تجفف الذاكرة، وتفرغ الاءنسان من قدرته على المقاومة من هنا فأن المعركة على الذاكرة هي معركة سياسية، معرفية،وجودية، لا تقل خطورة عن أي صراع عسكري مسلح.

زر الذهاب إلى الأعلى