أخبار لبنان

المرتضى في يوم القدس: ليس لليهود في أرضنا نصيب لا يلتقون إلا على تعصب وعدوان وبعد هذا يحاضر القاتل في ثقافة الحياة

 

وطنية – أحيت المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان بالتعاون مع بلدية الغبيري، وبرعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، “الحفل الخظابي الانشادي” لمناسبة يوم القدس العالمي الذي اعلنه الامام الخميني في آخر جمعة من شهر رمضان، تحت عنوان “معا من أجل القدس”، في المركز الصحي الاجتماعي لبلدية الغبيري. حضر الحفل الى الوزير المرتضى، المستشار الثقافي في السفارة الايرانية في بيروت محمد رضا مرتضوي، القائم بالاعمال في السفارة الايرانية حسن خليلي، رئيس بلدية الغبيري معن الخليل، ممثلون عن الفصائل الفلسطينية في لبنان، حشد من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية والاعلامية.

بدأ الاحتفال بتلاوة آيات من القرآن الكريم للسيد محمد رضا صفري، والنشيد الوطني اللبناني والايراني والفلسطيني، واختتم بتواشيح دينية وأناشيد لفلسطين لفرقة “نسيم الرحمة” وابتهالات رمضانية لكشافة الامام المهدي.

المرتضى

وتلا وزير الثقافية محمد وسام المرتضى كلمة للمناسبة، قال فيها: “على الرغم من ضراوة يومياتها، لا تدخل القدس في متناول المعاني اليومية، ذلك أنها في معنى الحق الإلهي متجلى السماء على الأرض، وفي معنى الحق البشري خلاصة القيم الإنسانية العليا. هكذا كانت على امتداد سبعة آلاف عام من عمر وجودها، منذ أن بناها الكنعانيون اليبوسيون في القرن الخامس قبل المسيح؛ وهكذا ستبقى حين يعيدها إلى أصل معانيها السامية، أهلها الحقيقيون أبناء عدنان وقحطان وكنعان، عندما يقتلعون من ترابها المبارك يبوسة هذا الاحتلال المجرم، كما يقتلع الفلاح من سنديانة خضراء غصنا يابسا دخيلا عليها جرى ربطه فيها محاولة لتطعيمها وتغيير طبيعتها.

والقدس علاقة طردية وعكسية في آن معا بين المقدس والقانون، ولهذا كان لبواباتها أن تنفتح مصاريعها دائما على الحق وتنغلق في وجه الباطل، ولزيتونها أن تصفق أغصانه دائما للسلام وتصفع الوجوه الحاقدة، ولناسها أن يقيموا دائما على الرباط في أكنافها ذودا عن السلام والحق، ودفعا للباطل والحقد”.

أضاف: “أصل الحكاية أيها الأحبة، أن ليس لليهود في أرضنا من الماضي نصيب، فالمملكة القديمة التي يزعمون أنهم أقاموها هنا، تكاد رقعة سلطانها الزمنية أن تقل ديمومة عن مدة اغتصابهم الحديث لفلسطين؛ فكيف إذا لبرهة يسيرة من الزمن أن تنتحل الزمان كله؟ وها إن الاعتداءات التنقيبية التي يجريها الصهاينة تحت أساسات المسجد الأقصى، تخيب آمالهم في العثور، ولو على حجر وحيد ينتسب لهم. هذا يؤكد أنهم لم يجيئوا إلى أرضنا طلبا لحق، بل اعتداء على أصحاب الحقوق الأصليين، ولذلك جعلوا كيانهم المعتدي ثكنة حربية متقدمة في المنطقة العربية، تهدف إلى قتل أهلها وتقسيم شعوبها والاستيلاء على خيراتها، في مقاربة سوسيولوجية لم تعرفها الحضارات: مجتمع حي يشرد إلى الشتات، وآخر مصطنع يؤتى بأفراده من أعراق الأرض وألسنة الجهات جمعاء، فلا يلتقون إلا على ظلم وتعصب وعدوان. وبعد هذا يحاضر القاتل في ثقافة الحياة.

إجرام مارسوه ويمارسونه كل يوم: قتلا بدم بارد على الطرقات وداخل البيوت والمخيمات، وتقطيع أوصال المناطق والمدن بحيطان الفصل العنصري والحواجز العسكرية، واعتقال المواطنين الفلسطينيين المرابطين والأبرياء، وزجهم في السجون والمعتقلات، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية وعلى الشواهد الأثرية التي تحكي قصة التاريخ، وسوى ذلك من الممارسات التي تنقل بعضها وسائل الإعلام يوميا، وتسكت عن الكثير. يقابل ذلك إصرار بطولي على الوحدة الإسلامية المسيحية وعلى المقاومة والدفاع عن الأرض والعرض، حتى بلوغ النصر الأكيد، كأن اسم فلسطين من فائه إلى نونه مسافة ما بين الفتح والنصر من عزائم مؤمنة، هذه العزائم زرعت في قلوب الغزاة المحتلين خوفا من هبة النسيم على جبل الزيتون، ومن إطراقة الحجر على أسوار القدس العتيقة، ومن تلفت اليمام بباحة المسجد الأقصى. ألا إن هذه علائم التحرير: أن يبيت العدو على خوف من ظله الواهي ووقع خطاه المتعثرة، وأن تصير دبابته بيوت عنكبوت”.

وتابع: “هذا ليس كلام الشعر ولا هي أحلام المرهقين الذين يهربون الى الكلمات حين يصدمهم الواقع بكمائنه وأحداثه.. بل هي الحقيقة السياسية الأنصع والأكثر حضورا في المنطقة مهما قامت من حولنا التهاويل، وضربت من حولنا الأحابيل: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..)  إنه التاريخ وكذلك الجغرافيا التي تأبى أن تكون اولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين في قبضة شذاذ الآفاق ومزوري التاريخ.

وبعد يا قدس يا مدينة الصلاة، إن المقاومة في سبيلك تكليف شرعي وواجب قومي وفريضة إنسانية، وليست دروب التطبيع بمفضية إليك، مهما ازدحمت بالسائرين.

وبمناسبة الحديث عن التطبيع، أكرر أمامكم موقفا سبق لي أن أعلنته من على هذا المنبر كوزير للثقافة: أنا أدعو الى التطبيع لكن التطبيع هو إعادة الأمر الى طبيعته أما الإحتلال الاسرائيلي فهو مخالف للطبيعة مناقض للقيم الإنسانية ومجاف للشرائع الدولية والحقوق الوطنية والقومية، ولهذا يقتضي استئصاله وتحرير الأرض واسترجاع الحقوق، هكذا يكون التطبيع لا بالتسليم بالإحتلال أو لتسويق العلاقات معه.

يا قدس، لا تزالين، كما كل شبر من أرض فلسطين، ثابتة على الشفاه الأبية، قول ابن الرومي:

ولي وطن آليت ألا أبيعه   وألا أرى غيري له الدهر مالكا

ونحن في هذه الأمة مسلمين ومسيحيين نعلن في يوم القدس:

لنا القدس آلينا ألا نبيعها   ولا نرى غيرنا لها الدهر مالكا

سنرجع قريبا محررين لنزرع قبلة الأحرار على خد امنا فلسطين، اللهم آمين، اللهم آمين اللهم آمين”.

المستشار الثقافي

أما مرتضوي فأكد في كلمته أن “مسألة فلسطين ترتبط بالوجدان الإنساني وهي مسألة محورية في العالم الإسلامي وفي طليعة قضايا العدالة في التاريخ المعاصر”.

وقال: “المطالبة بتحقيق العدالة هدف إلهي، إنساني وحقوقي من أجل إنهاء الظلم الذي نزل بالشعب الفلسطيني.

إن البحث في وضع القدس لا ينفصل عن وضع فلسطين، فما جرى ويجري في فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص من انتهاكات ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني، يعد خرقا صارخا لمبادئ قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

القضية الفلسطينية طالما كانت الهم الشاغل للقيادة في إيران منذ بدايات ثورتها وقبل ذلك بعقود. لقد كانت القضية الفلسطينية أهم القضايا التي شغلت فكر الامام الخميني. فكانت فلسطين همه الأول وقلما يجد الباحث في كلمات الامام الخميني السياسية والتعبوية قضية حاضرة وفاعلة كقضية القدس وفلسطين. فمنذ البداية كانت فلسطين الهدف الأساس الذي استوطن عقل الإمام الخميني”.

واعتبر أن “يوم القدس – الذي أعلنه الإمام الخميني في آخر يوم من شهر رمضان، من كل عام فرصة ومناسبة يؤكد فيها المسلمون ثوابتهم بالقدس وفلسطين، وفرصة كبرى لتوحيد الصوت الإسلامي ضد المشروع الغربي الأميركي”.

وقال: “أراد الإمام الخميني من إعلان يوم القدس ان يكون يوما للحرية، ويوما للوعي لدى الشعوب الإسلامية ضد المخططات اليهودية، يوما يستعيد فيه المسلمون هويتهم، يوما للأحرار والأبطال، إنه يوم أكبر من قضية فلسطين، بل هو يوم عالمي باسم فلسطين، وهذا ما يذكرنا بالثائر مانديلا حين قال للإمام الخامنئي: “سيدي، إن ثورتكم ينتمي لها كل الثوار في العالم”.

واليوم باتت القدس دعوة لمناهضة التطبيع، من فلسطين الى لبنان فسوريا والاردن ومصر وايران والعراق واليمن وكل قطر اسلامي حمل هم المواجهة. ذلك أن  مناهضة التطبيع تصبح مهمة كل الاقطار، على اعتبار ان  معركة التحرير تقوم على محورين: محور مقاومة الاحتلال من جهة، ومحور مناهضة التطبيع مع الاحتلال، وكلا المحورين يصبان في القدس وفي تحرير مقدساتها.

نعم، القدس تجمع المسلمين على اختلاف مذاهبهم وتجمع كل الاحرار.

اخيرا، نغتنم الفرصة  لنؤكد على خيار استعادة فلسطين، ومن عبق  القدس والاحتفال بالقدس، نقول كل الجهود يجب ان  تصب في صالح القدس”.

الخليل

وقال رئيس بلدية الغبيري: “في رحاب يوم القدس العالمي وعلى أعتاب عيد الفطر السعيد وليس بعيدا عن ايام الانتصارات المجيدة في ايار…  اتقدم منكم بالتحية والتقدير وارفع إليكم أسمى آيات التهنئة والتبريك. كل عام وأمة الشهداء بخير وأطيب وأشرف الناس بخير. كل عام وقدس السماء والأرض بخير. كل عام وفلسطين وشعبها وقضيتها بخير. كل عام والمقاومة ووطن المقاومة وشعب المقاومة وسيد المقاومة بخير إن شاء الله.

لقد أعلن الإمام الخميني يوما عالميا للقدس الشريف وهو يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك من كل عام، ما يؤكد مدى أهمية هذه القضية المقدسة التي شغلت فكر وروح وجهاد الأمام. هذا الإعلان، لم يكن خاصا بالمسلمين بل يوما عالميا، ولعله في ذلك إشارة إلى إعطاء الإمام للقضية الفلسطينية بعدها العالمي كنموذج للصراع بين الحق والباطل. ‏كما يمكن الملاحظة في خصوصية هذا الإعلان انه حصل في شهر رمضان وهو شهر الوحدة بين المسلمين”.

أضاف: “ومن لبنان التحرير والمقاومة والانتصار بقي صدى صوت الإمام الخميني يتردد على مسامع العظام في هذا الوطن، فالإمام الصدر المغيب أعاده الله أعلنها بصراحة (إسرائيل شر مطلق) ‏وما زال صوت سيد شهداء المقاومة الإسلامية مجلجلا في أسماع الحقيقة (إسرائيل سقطت) وهذا سيد ‏الانتصارين السيد حسن نصر الله حفظه الله ما تكاد تغفو عينيه إلا على فلسطين والقدس وما نسيها يوما، بل وعدها بالمفاجآت الكبرى وأعلنها واهنة هزيلة (‏إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت)”.

وتضمن برنامج الاحتفال كلمات لكل من الكاتب روني الفا بعنوان “القدس موئل الديانات والحضارات”، قصيدة لشاعر فلسطين الدكتور شحادة الخطيب، الحكواتية سارة قصير “الحكايات الفلسطينية”.

زر الذهاب إلى الأعلى