بأقلامنا

عبد الله نعمه، في تصريحات لـ “شبكة رؤية الإخبارية، ليست غزة وحدها.. 5 دول عربية تنتظر «يومها التالي»

لبنان بلا رئيس، وليبيا بلا انتخابات، واليمن بلا حلول.


تُثار العديد من التساؤلات عن “اليوم التالي” لانتهاء الحرب على غزة. وحتى الآن، يبدو أن الإسرائيليين يفتقرون إلى إجابة أو خطة مقنعة ترضي الأمريكيين على الأقل.

وليست غزة وحدها التي تنتظر اليوم التالي، فلا يزال الشرق الأوسط عبارة عن مجموعة من النزاعات المتعددة والمتداخلة التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة، إذ يوجد العديد من الدول العربية التي لم يحن يومها التالي، وأبرز هذه الدول، لبنان فهي بلا رئيس، وليبيا بلا انتخابات، واليمن بلا حلول، وغيرها الكثير من الدول غير المستقرة.

الأمم المتحدة: أكثر من 423 ألف نازح في غزة

اليوم التالي في لبنان

في لبنان، مضى حتى الآن أكثر من 19 شهرًا منذ أن غادر الرئيس السابق، العماد ميشال عون، قصر الحكم في بعبدا، مما جعل القصر يبقى بدون ساكن حتى اللحظة الحالية. ولم يظهر أي مؤشر على اقتراب حل لهذه الأزمة، مع تصاعد الصراعات والتوازنات السياسية الداخلية التي زادت تعقيدًا بفعل التداخلات الإقليمية في عملية انتخاب الرئيس في لبنان.

ويرى العديد من المراقبين للوضع السياسي في لبنان أنه من غير المحتمل حدوث حسم رئاسي في المرحلة المقبلة، بل ينتظرون تبلور الصورة في الإقليم أولاً. وهم يدركون أن أي تصاعد للتطورات سيكون له تأثير مباشر على الساحة اللبنانية، حيث أصبحت الرئاسة رهينة للتوازنات والتجاذبات الإقليمية.

اليوم التالي في ليبيا

على الصعيد الليبي، تعاني ليبيا من انسداد في المشهد السياسي خلال الأشهر الماضية نتيجة عدم توافق الأطراف السياسية على قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية، فضلا عن فشل مبادرة المبعوث الأممي المستقيل عبد الله باتيلي بسبب رفض الأطراف الخماسية الرئيسية الليبية المشاركة في الحوار الذي دعته له الأمم المتحدة في تونس.

وفي هذا السياق، تعمل المفوضية الوطنية للانتخابات الليبية على تنظيم إجراءاتها الفنية المتعلقة بمنظومات سجل الناخبين، استجابة لمتطلبات عملية الانتخابات لانتخاب المجالس البلدية، رغم تجاوز عدد البلديات المستهدفة المائة. وشددت المفوضية أن الأوضاع في ليبيا ليست مثالية، مما يشكل تحديات قد تعيق إجراء الانتخابات، بسبب الانقسام المؤسساتي وتلكؤ بعض الشركاء في التعاون مع المفوضية. هذا ما أكده عضو مجلس إدارة مفوضية الانتخابات الليبية، أبو بكر مردة.

وأشار مردة إلى أن المشهد السياسي في ليبيا يتسم خلال هذه الفترة بالجمود، مما يؤدي إلى عدم وجود مستجدات حول القوانين الانتخابية، حيث لم تحسم الخلافات بين الأطراف المعنية. وأعرب عن استبعاده حدوث أي تطور حول ملف الانتخابات الرئاسية والتشريعية أو القوانين اللازمة لإجرائها في المستقبل القريب.

اليوم التالي في اليمن

في اليمن، منذ أكتوبر 2014، عندما استولى المتمردون الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء، لم تتمكن أي جهة من توحيد البلاد. إذ يسيطر الحوثيون على حوالي 25% فقط من الأراضي، ولكنهم يتحكمون في مناطق يعيش فيها ثلثا سكان البلاد. وقد تفاقمت المجاعة والفقر بشكل كبير في ظل هذا الصراع المستمر.

وبين انفصالية الحوثي ومزايدة الإخوان، انتهى المطاف بالوحدة اليمنية عالقة بين فكي كماشة التنظيمات الإرهابية، مما يهدد بتمزيق لحمة البلاد. وبعد 34 لتوحيد شطري اليمن الشمالي والجنوبي، ظل استمرار مليشيات الحوثي وجماعة الإخوان في رفع شعار «الوحدة أو الموت» لتبرير جرائمهما ومحاولة اجتياح الجنوب مرة أخرى. وتقوم هذه الجماعات بذلك دون مراعاة للواقع الذي أفرزته حرب الانقلاب، حيث تكرس الجماعتان عمليًا تشطير البلاد ماديًا ومعنويًا وبنزعة مستبدة.

اليوم التالي للحرب في السودان

مر عام على اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، ما أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين وتسبب في كارثة إنسانية كبيرة. ومع تزايد الشكوك حول إمكانية نجاح جهود استئناف مفاوضات جدة بين الجيش والدعم السريع، يحتدم النقاش في السودان حول البدائل والمآلات المتوقعة في ظل اتساع رقعة الحرب وتفاقم تداعياتها الأمنية والإنسانية الخطيرة.

وصفت الأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه “أحد أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة”، محذرة من أن الصراع يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة الهشة بالفعل في منطقة الساحل والقرن الأفريقي والبحر الأحمر. ورغم المحاولات المتكررة للتوسط في وقف إطلاق النار، لا توجد علامة على تقدم حاسم حقيقي. ومنذ الهجمات في 7 أكتوبر، تراجع السودان في قائمة الأولويات العالمية، مما يزيد من تعقيد الوضع ويصعب من إيجاد حل للأزمة المستمرة.

مستقبل لبنان مرتبط بغزة

من جانبه، قال المحلل السياسي اللبناني، عبد الله نعمه، في تصريحات لـ “شبكة رؤية الإخبارية، إن استمرار الشغور الرئاسي في لبنان له تأثير كبير على الوضعين الاقتصادي والسياسي. كما الأزمة الاقتصادية في لبنان مرتبطة بشكل وثيق بالوضع السياسي الداخلي والإقليمي، خاصة في ظل التوترات الاستراتيجية المتزايدة في المنطقة بين القوى العظمى.

وأضاف نعمة أن الحرب الحالية في غزة زادت من تعقيد الوضع في المنطقة بشكل كبير، مما يزيد من صعوبة تحقيق الاستقرار في لبنان. إذ أن اللجنة الخماسية، التي تتكون من الدول الخمس الرئيسية الفاعلة في السياسة الإقليمية، تعمل على إيجاد حلول، لكنها تتحرك ببطء. مضيفًا أن الأحداث الأخيرة في إيران تشير إلى احتمالية وجود تسوية كبيرة في المنطقة، ولكن انتخاب رئيس جديد للبنان سيظل صعباً حتى تتحقق هذه التسوية، إلا إذا تم الاتفاق على تحييد لبنان، وهو أمر أشك في حدوثه في ظل الظروف الحالية.

هل تصل حرب غزة إلى الأراضي اللبنانية؟

تابع نعمة: “انخراط حزب الله في الحرب للدفاع عن غزة يعقد الوضع أكثر، حيث أن ارتباط مصير لبنان بغزة سياسياً يجعل من انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان أمراً صعباً في الوقت الحاضر. لأن إسرائيل بحربها على غزة وتهديداتها المستمرة للبنان، تضع البلاد في موقف صعب اقتصادياً وسياسياً، وخاصة مع احتمالية توسع الحرب في أي لحظة لتشمل الأراضي اللبنانية”.

ولفت إلى أنه منذ بدء الحرب قبل سبعة أشهر، تم تدمير حوالي 8000 منزل ونزوح أكثر من 200,000 شخص من الجنوب هرباً من جحيم الحرب. بالإضافة إلى ذلك، يشكل وجود أكثر من مليوني لاجئ سوري عبئاً كبيراً على لبنان. لهذا السبب، يعتمد لبنان بشكل كبير على اللجنة الخماسية، رغم أنها لم تحقق نجاحات كبيرة حتى الآن، إلا أن وجودها يعطي الأمل للبنانيين بأن الحلول الدبلوماسية لا تزال ممكنة.

لبنان مرهونة بقضايا المنطقة

أشار نعمة إلى أنه لا يمكن للبنان إيجاد حل سياسي واقتصادي شامل إلا بحل قضايا المنطقة ككل، فلبنان جزء من هذه المنطقة والقوى السياسية اللبنانية مرتبطة بالقوى العظمى التي تتصارع على النفوذ في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، تلعب مصر دوراً إقليمياً مهماً، فهي الوحيدة التي رفضت تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتبدي صلابة في موقفها، مما يعزز دورها كبيضة القبان في المنطقة.

مختتمًا: “حمى الله لبنان ومصر، وشعبهما وقيادتهما وجيشيهما، ونأمل أن يكون لمصر دور إيجابي في حل الأزمات الإقليمية وتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط”.

مطامع نتنياهو

من جانب آخر، قال أستاذ القانون والنظم السياسية، دكتور جهاد أبولحية، في تصريحات لـ “شبكة رؤية الإخبارية” لا أعتقد أن نتنياهو يفكر في “اليوم التالي”، لأنه لا يرغب في توقف الحرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني، ويهدف إلى استمرارها لأطول فترة ممكنة لإبقاء الفلسطينيين في وضع إنساني كارثي. ومع ذلك، إذا تم إسقاط حكومته بسبب الخلافات السياسية داخل المجتمع الإسرائيلي.

وأضاف أن نتنياهو يدرك جيدًا أن اليوم التالي سيكون كابوسًا له، لأن المجتمع الإسرائيلي يراه المسؤول الأكبر عن الفشل الأمني الكبير الذي حدث في السابع من أكتوبر. ومن المحتمل أن يتم محاسبته قضائيًا وينتهي دوره السياسي، حيث ستظل أحداث ذلك اليوم ملتصقة به، كما تشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية والغربية التي تظهر تراجع شعبيته.

حركة حماس

تابع أبو لحية: “فيما يتعلق بحركة حماس، يجب عليهم التحرك بخطوات استباقية للتجهيز للمرحلة القادمة التي تتطلب جهودًا كبيرة. ينبغي لحماس أن تعلن دخولها في منظمة التحرير الفلسطينية والالتزام بالتزاماتها الدولية والقانونية، كما يجب عليها تسليم إدارة قطاع غزة إلى حكومة مهنية تشرف على جميع الأراضي الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على حماس الإعلان عن إطار سياسي يضمن تواجدها على الساحة الفلسطينية والإقليمية”.

وأشار إلى أنه “فلسطينياً، علينا أن نسعى لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بحيث يكون لدينا إطار موحد وممثل واحد متوافق عليه من قبل الجميع تحت قاعدة الشراكة الوطنية، لما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني، وذلك تحت مظلة الدول العربية التي تشكل عمقًا لشعبنا وقضيتنا. يجب أيضًا تشكيل جبهات دبلوماسية وسياسية وقانونية للتوجه إلى كل دول العالم والمؤسسات الدولية لضمان حشد الدعم اللازم من أجل تحقيق دولة فلسطينية مستقلة وضمان الحقوق الأساسية لشعبنا”.

اليوم التالي عربيًا ودوليًا

لفت أبو لحية، إلى أنه “عربياً، يتعين على الدول العربية، بالتعاون مع المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، الدعوة لعقد مؤتمر للسلام تحت إشراف الرباعية الدولية، تكون مخرجاته قابلة للتطبيق الفوري. يجب إقران أي تأخير في تنفيذ الالتزامات بعقوبات فورية يلتزم بها الجميع، بحيث تكون نتيجة هذا المؤتمر قيام دولة فلسطينية مستقلة وحصول الشعب الفلسطيني على كافة حقوقه الأساسية”.

واختتم: “دوليًا، يجب على المؤسسات الدولية أن تكون لديها خطة كبيرة لإعادة إعمار قطاع غزة، الذي بات في معظمه غير صالح للحياة بعد تدمير المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية والجامعات والبنية التحتية والمساجد والكنائس ومنازل المدنيين. المجتمع الدولي مطالب بإعادة إعمار هذا الدمار بشكل فوري بعد انتهاء الحرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى